الإسعافات الأولية في القواعد النحوية

Friday, August 11, 2006

تَ أم تُ أم تِ؟

كثيرا ما يقع بعضنا فى هذا الخطأ المشهور... عندما تأتى التاء بعد نهاية الفعل الماضى، هل نرفعها (بالضمة) أم ننصبها (بالفتحة)؟

الإجابة سهلة للغاية. فلنسأل أنفسنا أولا هل المتكلم هو من فعل هذا الفعل الماضي أم إنه من يخاطبه هو الذي فعل؟ فإن كان التكلم هو من قام بالفعل الماضي تسمى التاء هنا تاء المتكلم ويجب رفعها بالضمة. أما إذا كان المخاطَب هو من قام بالفعل الماضي فيجب حينئذ أن تنصب التاء بالفتحة وتسمى حينها تاء المخاطَب، على أن يكون هذا المخاطب ذكرا وليس أنثى.

مثال:
عندما أقول: ذهبتُ إلى العمل بالسيارة. (برفع التاء) فإنني أقصد أننى أنا الذى ذهبت إلى العمل بالسيارة.
وعندما أقول: ذهبتَ إلى العمل بالسيارة (بنصب التاء) فإننى أقصد أن من أكلمه هو الذي ذهب إلى العمل بالسيارة.

وعلى ذلك، فإن الخطأ في هذه القاعدة البسيطة يؤدي إلى قلب تام لمعنى الكلام.
فمثلا الآية القرآنية التي يقول فيها رب العالمين على لسان سيدنا موسى: (رب إنى لما أنزلتَ إليّ من خير فقير) (من الآية 24 من سورة القصص). هنا التاء منصوبة فى (أنزلت) لأن موسى عليه السلام يكلم الله الذي أنزل. أما إذا قرأت برفع التاء فتعنى أن سيدنا موسى يقول أنه هو نفسه الذي أنزل الخير – أستغفر الله العظيم.

مثال آخر من القرآن الكريم. فى الآية رقم 100 من سورة المؤمنون يقول الله تعالى على لسان العصاة حين يأتيهم الموت: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون. لعلي أعمل صالحا فيا تركتُ). التاء فى (تركت) مرفوعة لأن المتكلم هو الذي ترك. وإن نصبت ينقلب المعنى أن المخاطب – وهو الله جل جلاله – هو الذي ترك – حاشا لله.

أما إذا كانت المخاطبة أنثى فيجب جر التاء فى نهاية الفعل الماضى بالكسر، وتسمى حينئذ تاء المخاطَبة.

فعندما أقول: لماذا ذهبتِ إلى السوق أمس؟ فإن ذلك يعنى أننى أسأل من أكلمها (وهى أنثى بالضرورة) عن سبب ذهابها للسوق اليوم الماضى.

أما إذا كانت التاء فى نهاية الفعل الماضي ساكنة (أي عليها سكون) فإن ذلك يعنى أننا نتحدث عن فعل فعلته أنثى، ولكننا لا نكلمها الآن. وتسمى عندئذ تاء التأنيث.

مثال: قرأتْ سعاد الكتاب كله. التاء فى (قرأت) ساكنة لأننا نتحدث عن أنثى – سعاد – قامت بفعل القراءة، ولكننا لا نكلم سعادا الآن بل نخبر عنها أحدا آخر.

الخلاصة:
التاء التي تأتى بعد الفعل الماضى قد تكون:
- مرفوعة بالضمة وتسمى تاء المتكلم – حينما يكون المتكلم هو من قام بالفعل،
- أو منصوبة بالفتحة وتسمى تاء المخاطب – حينما يكون الذكر الذي نخاطبه هو من قام بالفعل،
- أو مجرورة بالكسرة وتسمى تاء المخاطبة – حينما تكون الأنثى التي نخاطبها هى من قامت بالفعل، - أو ساكنة وتسمى تاء التأنيث – حينما نتحدث عن أنثى قامت بفعل معين ولكننا لا نخاطبها بل نقوم بالإخبار عنها.

إهداء

إليه
والدي الحبيب
الذي كان أول من حبب النحو إلي
وأول من سهل طرق استذكاره لي

وإلى ابنتي الكبرى وأختي الصغرى
نهى محمود
الأديبة الجميلة
ذات المشاعر الطفولية البريئة
التي وعدتها يوما أن أدرس لها قواعد النحو
ثم قفزت إلى ذهني فكرة هذه السلسلة

وإلى أختي العزيزة شيماء
أول من بدأت هذا العقد الجميل من المدونات

وأخيرا إلى كل إخوتى الأحباء
الذين يضيئون حياتي تماما كالنجوم

إليهم جميعا...
أهدي هذا المجهود المتواضع